إنّ الطّريق الذي يسلكه النّاس للإيمان بالله سبحانه وتعالى ليس سليما في كلّ الأحيان, لأنّ الإيمان بالله له طريق واحد سليم مستقيم ليس غير, وهو ملاحظة الكون والإنسان والحياة عن طريق الفكر المستنير.
ولكن مع الأسف إنّ معظم النّاس في الوقت الحاضر يؤمنون بالله عن طريق الوجدان, أو عن طريق التّقليد و التّبعيّة, وهذا مانهى القرآن الكريم عنه, وحذّر من سوء عاقبته, لأنّ هذا الإيمان عرضة للهزّات والتّشكيك والانحرفات, وقابل للضّلالات والأوهام والخرافات.
والعقيدة في الإسلام لا يجوز أن تؤخذ عن طريق التّقليد بل يجب على النّاس جميعا أن يسيروا على الطّريقة العقليّة للوصول إلى العقيدة الإسلاميّة.
فالإيمان العقلي هو التّصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل, فوجود الدّليل شرط أساسيّ في وجود الإيمان العقلي, فإن كان الموضوع واقعا محسوسا تدركه الحواس, كالقرآن الكريم, فإنّ دليله يكون عقليّا, وإن كان ممّا لا تدركه الحواس كالجنّة والنّار يكون دليله نقليّا.
فالقرآن الكريم هو من عند الله يجب أن يكون دليله عقليّا, ولكن ماحواه القرآن من معان كالجنّة والنّار وكإحياء الموتى وشفاء الأكمه والأبرص من قبل عيسى عليه السّلام, وشقّ البحر, واهتزاز العصا من قبل موسى عليه السّلام وماشاكل ذلك, هذه المعاني كلّها نقلها القرآن الكريم فإنّ واقعها بالنّسبة لنا غير محسوس, فيكون دليلها نقليّا.
فإن ثبت بالدّليل العقلي أنّ القرآن من عند الله كان ماحواه من معان لا شكّ في صحّتها لأنّ أصلها ثبت بالدّليل العقلي.
والدّليل العقلي السّليم لا يكون ناشئا إلاّ عن طريق الفكر المستنير. ومن هنا كان الفكر المستنير قاعدة للانطلاق. وعنه نشأت الأسئلة : من أين أتيت؟ ولماذا أتيت ؟ وإلى أين المصير؟ فعن هذا الطّريق يستطيع الإنسان أن يجيب على أسئلته بأجوبة تتفق مع فطرته.