انتقل النّبي ﷺ مع جبريل عليه السّلام من البيت الحرام إلى المسجد الأقصى على دابّةِ البُراق ليلا، وذلك في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب من السنة الثانيّة عشرة للبعثة, وكانت قبل الهجرة إلى المدينة المُنورة بسنة، بعد معاناة النبي -عليه الصلاة والسلام- من رحلته إلى الطائف.
وكان لرحلة الإسراء والمعراج العديد من المزايا :
تخفيفاً لآلام وأحزانالرّسولﷺ.تعويضاً له عمّا لاقاه من قوم .
إعلاءً لشأنه ﷺوإكراماً له,وكانت أيضا من باب الأُنس له.
تعريفاً له ﷺبمنزلته وقدْره عند الله ﷻ, إذ بدأ بعدها مرحلةً جديدةً من دعوته.
أحداث ليلة الإسراء والمعراج:
كان النبي ﷺ مُستلقياً على ظهره في بيت أُمِّ هانئ، فانفرج سقف البيت، ونزل منه مَلَكان على هيئة البشر، فأخذاه إلى الحطيم عند زمزم، ثُمّ شقّا صدره، وأخرجا قلبه الشريف وغسلاه بماء زمزم، وملآه بالإيمان والحكمة؛ لكي يكون ذلك استعداداً له لِما سيُشاهده، ثُمّ جاء جبريل -عليه السلام- للنبيّ بدابّة البُراق، وهي دابّةٌ أصغرُ من الفَرَس وأكبر من الحِمارر، تضعُ حافرها عند مُنتهى طرفها.
فلمّا ركبها النبي ﷺ لم يثْبُت، حتى قال له جبريل -عليه السلام- أن يثبت، فلم يركبها أحدٌ خيرٌ منه، فثبت النبيّ، وتصبّب عرقاً، ثُمّ انطلقت بهما إلى بيت المقدس, ثُمّ عُرج بالنبيّ وجبريل إلى السماء الدُّنيا، فرأى ﷺ آدمَ -عليه السلام-، ورحّب به، وردّ عليه السّلام، وأراه أرواح الشُهداء عن يمينه، وأرواح الأشقياء عن يساره.
ثُمّ صعد إلى السماء الثانيّة، فرأى فيها يحيى وعيسى -عليهما السلام-، فسلّم عليهما، ثُمّ صعد إلى السماء الثالثة ورأى فيها يوسف -عليه السلام-، ثُمّ رأى إدريس -عليه السلام- في السماء الرابعة، وهارون -عليه السلام- في السماء الخامسة، وموسى -عليه السلام- في السماء السادسة، وفي السماء السابعة رأى إبراهيم -عليه السلام-، وجميعُهم يُسلّمون عليه، ويُقرّون بنبوّته، ثُمّ صعد إلى سدْرة المُنتهى، والبيت المعمور، ثُم صعد فوق السماء السابعة، وكلّم الله -تعالى-، ففرض عليه خمسين صلاة، وبقيَ النبيّ يُراجِعه حتى جعلها خمساً، وعُرض عليه اللّبن والخمر، فاختار اللّبن، فقيل له أنّه أصاب الفطرة، ورأى أنهار الجنّة، اثنان ظاهران، واثنان باطنان، ورأى خازن النّار – مالِك – ورأى أكَلَة الرّبا، وأكَلَة أموالِ اليتامى ظُلماً، وغير ذلك الكثير من المشاهد.
الدّروس المستفادة من رحلة الإسراء والمعراج :
لرحلة الإسراء والمِعراج الكثير من الدُروس والعبرالمستفادة منها ما يأتي:
– تعويضُ الله ﷻ للنبي ﷺ لصدّ النّاس عنه،وخاصّةً أنّ الحادثة كانت بعد أذى أهل الطّائف له، ومَنعُه من دُخول المسجد الحرام إلا بجوار مِطعم بن عديّ، فعوّضه الله -تعالى- بفتح أبواب السماء له، وترحيب أهلها به.
– تعزيةٌ ومواساةٌ من الله -تعالى- لنبيّه -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاة زوجته خديجة -رضي الله عنها- وعمّه أبي طالب، فأكرمه برؤية آيات من ربّه وأمور أخرى.
– امتحان النّاس من خلال بيان المُصدّق والمُكذّب له.
– بيان أهمية الصلاة ومكانتها، حيث إنّها فُرضت في السماء.
– الدلالة على أهمية المسجد الحرام والمسجد لأقصى، والربطُ بينهما،