بعد أن بيّن الله تعالى في الآيات السّابقة من سورة النازعات أنّه أهلك فرعون الّذي ادّعى أنّه إله, وجّه الله تعالى الخطاب في هذه الآيات إلى الكفّار الّذين ينكرون البعث, وينكرون يوم القيامة.
يقول الله تعالى لهؤلاء الكفّار: إنّ خلقكم أسهل بكثير من خلق السّماء والأرض وما فيهما, فإنّ الله تعالى خلق السّماء وجعلها مرتفعة قويّة, وجعل فيها القمر الّذي يضيئ اللّيل, وجعل فيها الشّمس التي تظهر في النّهار, وخلق الله الأرض, وجعلها ممهّدة, مبسوطة, ليعيش النّاس عليها بسهولة, وأخرج الله الماء من الأرض, وأنبت فيها الزّرع والمرعى وثبّت الأرض بالجبال, كلّ ذلك من أجل الإنسان والحيوانات التي ينتفع بها هذا الإنسان.
هذا الاعتراف يوجب على هؤلاء الكفّار أن يؤمنوا بقدرة الله تعالى على إعادة الموتى وإلى الحياة يوم القيامة.
يقول الله تعالى: إذا حان موعد الطّامّة, وهي يوم القيامة, وقد سمّيت بالطّامّة لأنّها تعمّ وتطمّ كلّ شيء في هذا الكون.
فإنّ الله يجمع النّاس في هذا اليوم لحسابهم, عند ذلك يتذكّر كلّ واحد ما عمل في الدّنيا من خير أو شرّ, لأنّ الله تعالى يبيّن لكلّ واحد من النّاس ما صدر عنه في الدّنيا.
تظهر جهنّم يوم القيامة للنّاس حتّى يرونها, فكلّ من كان في الدّنيا عاصيّا لله تعالى ويحبّ الدّنيا أكثر من الآخرة, فإنّ جهنّم ستكون سكنه ومستقرّه يعذّب فيها.
أمّا الذي كان يخاف من الله تعالى في الدّنيا ولا يعمل المعاصي ويبعد نفسه عن المنكرات, فإنّه سيدخل الجنّة وستكون مسكنه وداره الطّيّبة التي فيها النّعيم الكثير.
ولمّا كان يوم القيامة هو يوم الحساب والجزاء, سأل النّاس رسول الله عن موعد هذا اليوم.
فأجاب الرّسول ﷺ هؤلاء السّائلين جوابا واضحا, بيّن لهم فيه أنّ موعد هذا اليوم
لا يعلمه إلّا الله تعالى, ولم يطّلع على هذا الموعد أحد من الخلق لانبيّ مرسل ولا ملك مقرّب.
يوجّه الله تعالى رسوله الكريم إلى المهمّة التي بعثه من أجلها, حيث يقول له:
إنّ مهمّتك أن تحثّ النّاس على تقوى الله وتخوّفهم من أهوال يوم القيامة.
إنّ يوم القيامة يوم رهيب عندما يأتي ينسى النّاس الدّنيا وما فيها حتّى لو سئل أحدهم كم سنة عاش في هذه الدّنيا؟ لقال: إنّه عاش عدّة ساعات فقط.