هي ليلى بنت عبد الله بن عبد شمس بن خلف بن شدّاد العدويّة القرشية, غلب على اسمها لقب الشفاء, وأمّها فاطمة بنت وهب المخزوميّة.
تزوّجت ليلى من أبي حثمة بن مرزوق بن حذيفة بن غانم, وولدت له ولدا اسمه سليمان, وبه كانت تكنى.
ثمّ تزوّجت بعد أبي حثمة من مرزوق بن حذيفة بن غانم بن عامر القرشي,فولدت له ولدا, وهوأبو حكيم.
أسلمت الشّفاء قبل الهجرة, وبايعت رسول الله ﷺ وهو في مكّة ثمّ هاجرت إلى المدينة مع أوّل من هاجر. إلاّ أنّ هناك رواية أوردها الحاكم عن محمّد بن عمر قال: والشّفاء بنت عبد الله أسلمت قبل الفتح, وبايعت رسول الله ﷺ
وكانت رضي عنها من عقلاء النّساء وفضلياتهنّ, تعلّمت الكتابة في الجاهليّة وعلّمتها لبعض النّساء في المدينة, وكانت قد علّمت أمّ المؤمنين حفصة الكتابة, كما علّمتها رقية النّمِلة ( نوعٌ من القروح تخرج في الجنب وغيره من الجسد، قال ابنُ قتَيبة:النملة قروح تخرج في الجنب) بأمر من رسول الله ﷺ, ورقية النّملة رقية كانت الشّفاء ترقي بها المرضى في الجاهليّة, وقد خافت أن ترقي بها بعد أن دخلت في الإسلام, فاستأنذت رسول الله ﷺ وقالت له: يارسول الله إنّي كنت أرقي برقي في الجاهليّة فقد
أردت أن أعرضها عليك, قال: » فأعرضيها » فعرضتها عليه فقال لها ﷺ: » ارقي ما لم يكن شرك بالله « .
وكان النّبيّ ﷺ يجلّ الشّفاء ويكرمها ويزورها دائما وقد يقيل عندها في بيتها, وقد اتّخذت لرسول الله ﷺ فراشا وإزارا ينام فيه, وتوارث أبناؤها الفراش الذي مسّ جسد رسول الله ﷺ حتّى تولّى مروان بن الحكم إمرة المدينة فأخذه من سليمان ابنها, وكان سليمان يعيش مع أمّه في دار أقطعهما إيّاها ﷺ في ضاحية من ضواحي المدينة تسمّى الحكّاكين.
وكانت الشّفاء كثيرا ما تلجأ إلى رسول الله ﷺ تسأله العطاء, فإن وجد شيئا أعطاها, وإن لم يجد أمهلها إلى أن يتيسّر شيء يمنحها إيّاه, تقول الشّفاء في ذلك:
أتيت النّبيّ أسأله فجعل يعتذر إليّ وأنا ألومه, فحضرت الصّلاة فخرجت فدخلت على ابنتي وهي تحت شرحبيل بن حسنة فوجدت شرحبيل في البيت فجعلت أقول: قد حضرت الصّلاة وأنت في البيت؟ وجعلت ألومه, فقال:
يا خالتي لا تلوميني فإنّه كان لنا ثوب فاستعاره رسول الله ﷺ فقلت: بأبي وأمّي كنت ألومه, وهذه حاله, ولاأشعر؟ قال شرحبيل: وما كان إلاّ درعا رقّعناه.
وعندما تولّى عمر بن الخطّاب الخلافة عرف مكانة الشّفاء, فكان يرعاها ويقدّمها في الرّأي, ويفضّلها, حتّى أنّه ولاها شيئا من أمر السّوق والإشراف على الباعة ومتابعة معاملتهم مع المشترين وتفحص موازينهم ومكاييلهم,ومقاييسهم. توفّيت الشّفاء في عهد عمر بن الخطّاب حوالي 20هـ.
رأت الشفاء بنت عبد الله بعض الفتيان يمشون متماوِتين، فقالت في دَهَش: ما هؤلاء؟ فقيل لها: هؤلاء نُسَّاك (عُبَّاد). فقالت: لقد كان عمر إذا مشى أسرع، وإذا تكلم أسمع، وإذا ضرب أوجع، وكان هو الناسك حقًّا.
— يوسف القرضاوي (@alqaradawy) February 7, 2020