الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ، أما بعد
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز في سورة الانعام :
» ولَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ « .
و يقول عز وجل أيضا في سورة الاسراء : » وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً « .
ومعنى الإملاق هو الفقر وقد قال الامام ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ ) قال ابن عباس : هو الفقر بمعنى لا تقتلوهم من فقركم الحاصل . وقال في سورة الإسراء : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ ) بمعنى لا تقتلوهم خوفاً من الفقر في المستقبل.
وعند التمعن مع هاتين الآيتين فقد قدم الله سبحانه و تعالى رزق الآباء في الآية الأولى على الأبناء: [نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ]، وفي الثانية قدم رزق الأبناء على الآباء: [نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ].
وذلك لأنّ الكلام في الآية الأولى موجه إلى الفقراء دون الأغنياء، فهم يقتلون أولادهم من الفقر الواقع بهم لا أنهم يخشونه، فأوجبت البلاغة تقديم عدتهم بالرزق تكميل العدة برزق الأولاد. وفي الآية الثانية الخطاب لغير الفقراء وهم الذين يقتلون أولادهم خشية الفقر، لا أنهم مفتقرون في الحال، وذلك أنهم يخافون أن تسلبهم كلف الأولاد ما بأيديهم من الغنى.
خلاصة القول فالله هو الرزاق الكريم فالرزق ضمنه الله عز وجل لكنه في حدود لحكمته البالغة.
و الله تعالى أعلم.