اتفق الأئمة على أنه يجب على من أفطر أياماً من رمضان أن يقضي تلك الأيام قبل مجيء رمضان التالي .
واستدلوا على ذلك بما رواه البخاري عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت : ( كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ ، وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .
قال الحافظ :
وَيُؤْخَذ مِنْ حِرْصهَا عَلَى ذَلِكَ فِي شَعْبَان أَنَّهُ لا يَجُوز تَأْخِير الْقَضَاء حَتَّى يَدْخُلَ رَمَضَان آخَرُ اهـ
فإن أخر القضاء حتى دخل رمضان التالي فلا يخلو من حالين :
الأولى :
أن يكون التأخير بعذر ، كما لو كان مريضاً واستمرَّ به المرض حتى دخل رمضان التالي ، فهذا لا إثم عليه في التأخير لأنه معذور . وليس عليه إلا القضاء فقط . فيقضي عدد الأيام التي أفطرها .
الحال الثانية :
أن يكون تأخير القضاء بدون عذر ، كما لو تمكن من القضاء ولكنه لم يقض حتى دخل رمضان التالي.
فهذا آثم بتأخير القضاء بدون عذر ، واتفق الأئمة على أن عليه القضاء ، ولكن اختلفوا هل يجب مع القضاء أن يطعم عن كل يوم مسكيناً أو لا ؟
فذهب الأئمة مالك والشافعي وأحمد أن عليه الإطعام . واستدلوا بأن ذلك قد ورد عن بعض الصحابة كأبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم .
وذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه لا يجب مع القضاء إطعام .
في سياق آخر نذكر لكم في هذا المقال فضائل الصّيام الذي تشجّع المسلم على إتيانه، وتهوّن عليه ما قد يجده من عناء ومشقّة في أدائه.
فبالإضافة إلى فوائده الصّحيّة، يعدّ الصّيام من أعظم أسباب مغفرة الذّنوب.
وهو جنّة، أي وقاية وستر للعبد في الدّنيا والآخرة.
وهو بمثابة الماء الذي يطفئ نار الشّهوة ويهذّبها.
وبفضله يضمن المسلم بابا لدخول الجنّة لا يدخل منه إلاّ الصّائمون.
كما أنّه يشفع لصاحبه يوم القيامة وثوابه بغير حساب لقوله تعالى في الحديث القدسي:
» كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصّيام، فإنّه لي وأنا أجزي به « .
ومن فضائل الصّيام كذلك أنّ الرائحة المنبعثة من فم الصّائم نتيجة خلو المعدة من الطّعام أطيب عند الله من ريح المسك، لأنّها من آثار العبادة والطّاعة.