الإنسان جسد وروح، ظاهر وباطن، والأخلاق الإسلامية تمثل صورة الإنسان الباطنة، والتي محلُّها القلب، وهذه الصورة الباطنة هي قوام شخصية الإنسان، فالإنسان لا يقاس بطوله وعرضه، أو لونه وجماله، أو فقره وغناه، وإنما بأخلاقه وأعماله.
وهناك ارتباط وثيق بين الأخلاق والدّين الإسلامي عقيدة وشريعة
إن ارتباط الأخلاق بالعقيدة وثيق جدًّا، لذا فكثيرًا ما يربط الله عز وجل بين الإيمان والعمل الصالح، الذي تعدُّ الأخلاق الحسنة أحد أركانه، فالعقيدة دون خُلُق، شجرة لا ظلّ لها ولا ثمرة.
أما عن ارتباط الأخلاق بالشّريعة، فإن الشّريعة منها عبادات، ومنها معاملات، والعبادات تثمر الأخلاق الحسنة إذا ما أقامها المسلم على الوجه الأكمل, وأما صلة الأخلاق بالمعاملات،
فإنَّ المعاملات كلَّها قائمة على الأخلاق الحسنة في أقوال المسلم وأفعاله.
فالعمل الصالح المدعم بالتواصي بالحقِّ، والتواصي بالصبر في مواجهة المغريات والتحديات من شأنه أن يبني مجتمعًا محصنًا لا تنال منه عوامل التردّي والانحطاط، وليس ابتلاء الأمم والحضارات كامنًا في ضعف إمكاناتها المادية أو منجزاتها العلميَّة، إنما في قيمتها الأخلاقيّة التي تسودها وتتحلى بها.
فكيف يكون التعايش بين الناس في أمن واستقرار، وكيف يكون التعاون بينهم في العمل ضمن بيئة مشتركة، لولا فضيلة الأمانة؟
وكيف تكون أمة قادرة على إنشاء حضارة مثلى لولا فضائل التآخي، والتعاون،والمحبة،والإيثار؟
كيف تكون جماعة مؤهلة لبناء مجد عظيم لولا فضيلة الشَّجَاعَة في ردِّ عدوان المعتدين وظلم الظالمين، ولولا فضائل العدل والرحمة والإحسان والدفع بالتي هي أحسن؟!
كيف يكون الإنسان مؤهلًا لارتقاء مراتب الكمال الإنساني إذا كانت أنانيته مسيطرة عليه، صارفة له عن كلِّ عطاء وتضحية وإيثار؟
ولقد دلَّت الأحداث التاريخية، أن ارتقاء القوى المعنوية للأمم والشعوب ملازم لارتقائها في سلم الأخلاق الفاضلة، ومتناسب معه، وأنَّ انهيار القوى المعنوية للأمم والشعوب ملازم لانهيار أخلاقها، ومتناسب معه, وذلك لأنَّ الأخلاق الفاضلة في أفراد الأمم والشعوب تمثل المعاقد الثابتة التي تعقد بها الروابط الاجتماعية.