الـحمد لله الرحيم الرحـمان ،معلّم القرآن، خالق الإنسان ، مُعَلّمِهِ البيان أحمده سبحانه وتعالى ،على ماخصّنا به من قراءة كتابه الكريم،وعلى ماهدانا به الصراط المستقيم.
وأشهد أنّ لاإله إلا الله ،وحده لاشريك له وأشهد أنّ سيدنا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله الطيّبيـن الأكرمين ، وعلى كلّ من تــــبع هداه من الأولين والآخرين ،فقد بعثه الله رحمة للعالمين ،فأقام به الدّين ،وأنزل عليه كتابــه الـمستبين فجعله واعظًا للمتذكّريــــن،وآيـــة للمتفكّرين وتكفّل- سبحانه وتعالى– بحفظه من زيادة الأفّاكين ومن نقصان المستهزئين ،فقال تعالى: » إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون » (سورة الحجر،الآية:09) وقال تعالى: »وإنّه لكتاب عزيزٌ ،لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه ،تنزيل من حكيم حميد » (سورة فُصّلت الآية:41 والآية: 42).
فالقرآن الكريم هو العصمة الواقية ،والنعمة الباقية ،والحجة البالغــة ،وهو شفاء الصدور والحَكَمُ العَدْلُ إذا تشعّبت الأمور ،واختلطت السُّبُل.
وكيف لا يكون كذلك ،وهو كلام ربّ العالمين وهو آيات بيّنات،في صدور المؤمنين ،وهو هادي الضّالين ،ودليل الحائرين.
أسأل الله تعالى ،أن يعصمنا به من الزَّلَل،وأن يوفّقنا لطاعته بالقول والعمل ،أمّا بعد:
يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة الفاتحة: »إياك نعبد وإياك نستعين » ويقول أيضا: »ياأيها النّاس،اعبدوا ربّكم »(سورة البقرة الآية:20) ويقول أيضا: »ومالي لا أعبد الذي فطرني »(سورة يَسِ:الآية20 ) ويقول جَلَّ من قائل: »وماخلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون »(سورة الذاريات:الآية:56)
هذه الآيات البيّنات وأمثلتُها كثيرة في القرآن الكريم ،كلها تحثنا وتأمرنا،على عبادة الله تعالى وحده ،وهنا لزاما علينا أن نتذكر مفهوم العبادة في الإسلام.
العبادة هي: الخضوع والخنوع المطلق لأوامر الله تعالى جميعها،بمعنى: لايمكن للمسلم أن يكون مستجيبًا لبعض أوامر الله ،ومتعمّدًا عدم الإستجابة لأوامره الأخرى ،فالمسلم أمام كلّ أمر من أوامر الله الثابتة،يـجب عليه أن يمتثل إليها بقوله: »سمعنا وأطعنا »
ومن أبرز وأهمّ العبادات في ديننا الإسلامي الحنيف،والتي سأركّز عليها في محاضرة اليوم »عبادة قراءة القرآن الكريم »والنّصوص التي تُثبت ذلك من القرآن والسنّة النبوية المطهرة كثيرة ،منها: قوله تعالى: »فاقرأواماتيسرمن القرآن »(سورةالمزمل:الآية:04) ومنها قول رسولنا الأكرم صلى الله عليه وبارك: »اقرأوا القرآن فإنّه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه » أخرجه الإمام مسلم في صحيحه
والذي يجب علينا أن نتذكره في هذا السياق،أن كل عبادة في الإسلام يجب أن تُؤَدَّى كما علمها لنا القرآن ،أو كما علمها لنا رسوله الأكرم ،صلى الله عليه وبارك،والمثال على ذلك: »عبادة الصيام في شهر رمضان » علمها لنا القرآن الكريم انطلاقا من قوله تعالى: »ياأيها الذين آمنوا،كتب عليكم الصيام »من الآية:182 إلى الآية:186 من سورة البقرة.
وكذلك علّمنا دينُنا الإسلامي الحنيف عبادة أداء الزكاة ،وأداء فريضة الحج إلى بيت الله الحرام.كما علمنا الرسول عليه الصلاة والسلام سائر العبادات مفصّلة ومبيّنة مثل قوله في تعليمنا لأداء مناسك الحج: »خذوا عنّي مناسككم » ومثل قوله في تعليمنا لأداء عبادة الصلاة: »صَلُّو كما رأيتموني أصلّي »
فاللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الشكر على رضاك
اللهم اجعلنا من عبادك الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وصلّ اللهم على سيّدنا محمد وعلى آله الطيبين الأكرمين ،وعلى صحابته وعلى كل من سار على نهجه واتبع هداه من الأولين والآخرين.