التفاؤل من الإيمان .. وهو من صفات المؤمنين لأن المؤمن يعلم يقينًا أن الأمر كله بيد الله، وأن كل ما يقضيه الله في حق عباده خير، حتى وإن لم نعرف الحكمة فيه ..
يقول تعالى: ( وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ )
فالمؤمن يتميز على غير المؤمن أثناء تعامله مع ظروف الحياة وصعوباتها، بالصبر والشكر فيجعلانه أكثر تفاؤلاً وأبعد ما يكون عن التشاؤم، لأنه يدرك أن الله معه، وأن المستقبل له، وأن الجنة بانتظاره، فلا يحزن على شيء فاته، ولا يخاف من شيء سيأتيه،
ولذلك قال تعالى: ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم سيد المؤمنين وسيد المتفائلين، فقد كان يحب التفاؤل ويكره التشاؤم.
يقول صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: « لا عدوى ولا طيرة وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ قَالُوا وَمَاا الْفَأْلُ قَالَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ ». »
وفي سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم الكثير من المواقف التي تدعو إلى التّفاؤل، فيحكي لنا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه موقفًا من مواقف التفاؤل؛ إذ يروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سمع كلمة فأعجبته فقال: « أخذنا فَأْلَك من فِيكَ ».
وفي أكثر مواضع الشدّة كان النبي صلى الله عليه وسلم متفائلًا ، ففي رحلة الهجرة كان إذا بدأ اليأس يدبّ في الصدّيق أبو بكر رضي الله عنه، كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشد من أزره ويقول له: « لا تحزن إن الله معنا »، ويقول له: « ما بالك باثنين الله ثالثهما»
حتى في تسمية الأطفال كان الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم يختار ما يدعو إلى التفاؤل والفرحة، و ما يدخل السرور على النفس، ففي قصة تسميته للإمام الحسن بن علي بن أبي طالب وأخيه الإمام الحسين رضي الله عنهم أجميعن ما يدل على ذلك، فعندما أنجبت السيدة فاطمة الزهراء البتول رضي الله عنها سيدنا الإمام الحسن أحضره الإمام علي بن أبي طالب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسأله ماذا أسميته ؟ فقال « حرب » فقال بل
« الحسن »، وتكرر نفس الموقف عندما ولد الإمام الحسين فسمّاه الإمام علي حربًا فقال له النبي عليه الصلاة والسلام بل « الحسين »
حتى الأماكن غيّر النّبي صلى الله عليه وآله وسلم أسمائها إلى ما يدعو إلى التفاؤل، فغيَّر اسم أرض يقال لها « عفرة » إلى « خضرة »، وشعب الضلالة سمَّاه « شعب الهدى »، وغيَّر في أسماء بعض القبائل فبنو الزينة سمَّاهم « بني الرشدة ».
وبما أن الله تعالى قال : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) الأحزاب 21
فإنه من الواجب أن نقتدي بسنته ونهتدي بهديه فلا نتشاءم ونتفاءل بالخير دوماً، وهذا خلق من أخلاق النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم،