إنّ قارئ القرآن المتمّسك به في الدّنيا هو: ذو منزلة خاصّة بين النّاس فهو مرفوع القدر والشّأن، يُنْظَر إليه على أنّه خير القوم وأفضلهم، يتصدّر المجالس والمجامع، وفي الآخرة تكون منزلته عند آخر آية يقرؤها، فمن قرأ القرآن كلّه مع العمل به كان في أعلى درجة في الجنّة.
جاء في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) قال: قال رسول الله : « يُقال لصاحب القرآن: اقْرَأْ وارْتَقِ، وَرَتِّل كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا »
وهذا الجزاء المذكور في هذا الحديث لقارئ القرآن مشروط بالعلم والعمل ولذلك فإنّ الله تعالى يرفع بالقرآن أقوامًا ويضع به آخرين.
والمؤمن الّذي يقرأ القرآن، ويعمل به هُوَ كَمَا وصفه رسول الله : كالأُتْـرُجَّـــة (وهي: ثمرة طيّبة النّكهة، لذيذة الطّعم). والمنافق الّذي يقرأ القرآن كالرّيحانة (ريحها طيّب وطعمها مرّ). وأهل القرآن العاملون به، هم أهل الله وخاصّتُه.
وعن أبي أمامة (رضي الله تعالى عنه) قال: قال رسول الله : « مَنْ تَعَلَّمَ آيَة مِن كِتَابِ اللهِ اسْتَقْبَلَتْهُ يَوْم القِياَمَة تَضْحَكُ في وَجْهِهِ »
وعن عثمان (رضي الله تعالى عنه) قال: قال رسول الله : « خَــيْـــرُكُــــــمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ »
والعِلْمُ بقواعد ترتيل القرآن، والتّخَصُّصُ في تعليمه فرض عين على طائفة من الأُمّة، حتّى لا ينقطع التّواتر، ولا يتطرّق إليه اللّحن والتّحريف، وأمّا حفظ القرآن فهو فرض كفاية، فإذا حفظه بعضهم سقط الإثم عن الباقين.
ويجب حفظ وترتيلُ بعض سور وآيات القرآن على كلّ مسلم ومسلمة كسورة الفاتحة والحزب الأخير من القرآن.
قال سيّدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): « لا بُدّ للمسلم مِنْ سِتِّ سُوَرٍ يتعلّمهنّ للصّلاة، سورتين لصلاة الصّبح، وسورتين للمغرب وسورتين للعشاء»
وقد حثّ الله تعالى الأمّة وهي في أشدّ أحوالها (في جهاد العدوّ) أن يتفرّغ منها طائفة لتعلُّم العلم وتعليمه. قال تعالى: فَـلَــوْلَا نَـفَــرَ مِــن كُــلِّ فِـرْقَـــةٍ مِّنْهُمْ طَـــآئِــفَـــةٌ لِّيَــتَــفَـقَّـهُــواْ فِى الدِّينِ وَلِـيُــنـــذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَــعُـــواْ إلَــيْــهِــمْ لَـعَــلَّــهُمْ يَحْذَرُونَ(سورة التّوبة:122).
ورأس العلم والتّفقّه في الدّين، تعلّم القرآن وتعليمه، فدلّ هذا على وجوب تعلّم القرآن وتعليمه.